احمد شعلان احمدشعلان
عدد المساهمات : 178 تاريخ التسجيل : 01/05/2009 العمر : 55
بطاقة الشخصية احمد شعلان:
| موضوع: إروِ عطشك الحقيقي الأحد 25 أكتوبر - 3:41 | |
| هل يمكن أن يكون شرب الكحول بديلاً عن العلاقات الحميمة والمُرضِية مع الآخرين؟
ذات صيف قابلتُ أنا وصديقي في كولارادو مجموعة هاربين من نيومكسيكو. تركوا مدارسهم والتفتوا للرقص والسعي وراء المال. للوهلة الأولى قد تعتقد أنهم يهدرون حياتهم بالكامل، ولكن بعد أن أمضيتُ بضع ساعات مع غابريل وسين ومات وبيتر أدركت أنهم يعيشون بطريقة يتوق لها معظم الناس.
كان هؤلاء الشُبان بلا مأوى و يملكون القليل من المال، ثيابهم متسخة وممزقة والطعام الذي معهم لا يكاد يكفي لإبقائهم على قيد الحياة. قمت أنا وصديقي بدعوتهم لتناول العشاء و جلسنا معهم الأربعة، كانوا جائعين جداً وقاموا بالتهام الطعام بشهية كبيرة، إستمعنا لقصصهم و أدركت أن هناك الكثيرين مثلهم.
كانوا يعتنون ببعضهم البعض و يتقاسمون ما يحصلون عليه ، رأيت أحدهم يأكل نصف شطيرته فقط ويخبئ نصفها الآخر لصديقه الذي لم يكن معهم. أخبرونا كيف يقومون بحماية بعضهم البعض، كانوا بمنزلة الآباء لبعضهم وكانوا يحبون بعضهم بصدق. أخبرونا عن الحوادث المخيفة التي مرت بهم وعن فقدهم لأمهاتهم وعن جوعهم وشعورهم بأنهم متروكون. كانوا يعيشون حياةً ما كنت لأختار أن أعيشها أبداً لكنهم مع ذلك كانوا يملكون شيئاً لا يملكه الأشخاص النظيفون المتعلمون المقبولون.
كانوا يملكون بعضهم البعض كانت هناك علاقة حقيقية تربط بينهم، كانوا مرتبطين ببعضهم البعض.
لماذا يشرب الناس الكحول؟ إن هذا هو الشيء الذي نريده جميعاً. نريد حياة حقيقية لا نريد أن نكون وحيدين، نريد أن نتواصل مع الآخرين. نريد أن نكون جزءاً من مجتمع يهتم ببعضه البعض.
لقد تخرجت صديقتي ربيكا مؤخراً من جامعة فاندربلت وبعد أن دخلت "العالم الحقيقي" قالت لي: "أريد فقط أن أتبع الديانة الأمشية " لم يكن ما قالته من منطلق ديني إنما من منطلق إجتماعي فأتباع ذلك المذهب لديهم جيران وعائلات ويساعدون بعضهم البعض في بناء البيوت والمخازن ويأتون للإنقاذ في وقت الخطر لها. الحياة سهلة وبسيطة ويمكنك التعامل مع أي ظرف لأنك تعلم أنك لست وحيداً. يبدو هذا جيداً أليس كذلك؟
أنا اعتقد أننا في جوع للعلاقات التي تستمر، العلاقات المليئة بالثقة والمتعة. العديدون منّا قد نشأوا في بيوت الآباء فيها يعملون حتى ساعة متأخرة في مكاتبهم ليحصلوا على ترقيات تمكنهم من شراء ما يحلمون به و الأمهات أيضاً يعملن للحصول على دخل إضافي للعائلة ، فمع أن والدينا يعشون تحت سقف واحد إلاّ أنهم ليسوا كذلك ونتيجة لذلك فقد تفتتت العلاقات وتفاقمت معدلات الطلاق.
نحن نحب مشاهدة المسلسلات والأفلام التلفزيونية التي يظهر فيها الناس أنهم متواصلون ومرتبطون ببعضهم البعض ، وهذا ما نريده لأنفسنا و هذا ما نسعى وراءه بقوة فنحن نريد العلاقات الجيدة ونحتاجها، ولكن على أرض الواقع العلاقات مؤلمة وفيها مخاطرة.
لذلك ماذا نفعل؟ مَن الذي يمكنه أن يجعلني أشعر شعوراً جيداً؟ لمن التجئ؟ من سيساعدني - ولو لوقت قصير- على الهروب من عالم لا تواصل ولا ترابط فيه ؟
الكحول والطلبة الجامعيين هل تقوم - مثل العديد من الطلاب- بشرب الكحول لكي تحسّن شعورك وتريحك؟هل يربطك بالزجاجة نوع خاص من العلاقة لأنها دائماً في متناول اليد و هي هناك عندما تحتاجها؟ هل تفضّلها لأنها لا تهتم بشكلك و تسلّيك؟ أم لأنها تجعلك تشعر أنك مقبول وجذّاب؟ علاقة كهذه ليست بعلاقة، فهي لا تدوم إلاّ لفترة قصيرة، ولكن ماذا بعد أن تستيقظ؟ هل تبقى متمسكاً بالزجاجة لأن ايجاد العلاقة الحميمة معها أسهل من إيجادها مع الناس؟ أم لأنها تخفف عنك الإنزعاج الذي يسببه لك الآخرون؟
ربما لا يدهشك أننا نبحث عن الحب في الأماكن الخطأ .يقول الكاتب و العالم النفسي هنري كلود: "نحن جميعنا نحتاج للحب في السنوات القليلة الأولى من حياتنا وإن لم نحصل على هذا الحب نبقى في جوع لهُ بقية أيام حياتنا، جوع قوي لدرجة أننا إن لم نشبعه في علاقاتنا مع الآخرين نحاول إشباعه في أشياء أخرى مثل الطعام، العمل، الممارسات الجنسية، انفاق المال، الإفراط في شرب الكحول، العمل لساعات طويلة."
تقول "شيلي" وهي طالبة في جامعة الاباما: "يمكنني أن أقضي كل ليلة في الحانات اتسكع من أصدقائي وأشرب الكحول. ولكن عندما اراهم في اليوم التالي في الجامعة فنحن لا نجد ما نقوله لبعضنا " شيلي لديها علاقات عديدة ولكنها تصفها بأنها علاقات ظاهرية، إحتياجها الحقيقي- الذي لم يُلبّى- هو علاقة تتواصل بها مع الناس.
من ناحية أخرى" بن" هو طالب يخرج كل يوم مع أصدقاءه لشرب الكحول ويقول أن الكحول تجعلهم يتحدثون بحرّية عما يهمهم فعلاً و أن صداقتهم تبدو أعمق. ولكنه يضيف "أريد أن أتعلم كيف أكون على طبيعتي دون مساعدة من الكحول"
يضيف الدكتور كلود قائلاً : "غالباً ما يدمن الناس على شيء معين مثل: الكحول، الكوكائين ، السرعة ، العمل، المقامرة، العلاقات الهدّامة، التدين، الإنجاز الماديّات ،....و هذه الأشياء لا تَشبع ولا تكتفي أبداً لأنها ليست الحل للمشكلة الحقيقية فنحن لسنا بحاجة للكحول أو للمخدرات أو للجنس و يمكننا العيش جيداً دون هذه الأشياء ، ما نحتاجه فعلاً هي "علاقة" ولا يمكننا أن نعيش بشكل جيد إذا لم تكن موجودة."
عندما أسأل الطلاب لماذا يشربون الكحول معظمهم يجيبون "إنه ممتع"، ظاهرياً تبدو هذه اجابة مقبولة، لكن فيما وراء المتعة هل تساءلت يوماً ما هو السبب الحقيقي لشرب الكحول؟ ربما للهروب المؤقت،سواءً من الإجهاد والتعب أو من عدم معرفة ما سيحمله المستقبل، أو من الضغوطات و المسائل الاجتماعية.
العلاقات الصحيحة كافية عندما يكون لديك علاقات جيدة فإنك لن تكون بحاجة للبحث عن الأمان في شيء آخر كالكحول والجنس والطعام، عندما يكون لديك علاقات جيدة فإنك قلّما تحاول ملىء الفراغ بأشياء أخرى فالعلاقات الجيدة تُشبع أحد أعظم الإحتياجات.
يكمل الدكتور كلود قوله: "إن التواصل هو واحد من أهم الأشياء الأساسية والرئيسية في الحياة والكون. إنه حاجة بشرية أساسية. الله خلقنا وبداخلنا جوع للعلاقات. للعلاقة معه ومع الناس الآخرين فالعلاقات جزء لا يتجزأ منا ،و بدون علاقات متينة ستغرق النفس البشرية في المشاكل السيكولوجية( النفسية) والعاطفية، لا يستطيع الإنسان الاستمرار والنجاح دون أن يكون متصلاً بالآخرين.
كيف يكون لدينا علاقة صحيحة ووثيقة؟ هذا بحاجة إلى مقال أو كتاب آخر، ولكن ابدأ بأن تكون صادقاً مع نفسك. هل من الممكن أن يكون السبب وراء شربك للكحول أو تناولك للكثير أو للقليل من الطعام أو ممارستك الجنس هو أن بحاجة فعلاً لعلاقات حقيقية؟
إذا كان ذلك صحيحاً فهناك الكثير من الكتب الجيدة التي تتحدث عن بناء علاقات مع الآخرين. لكن هناك علاقة واحدة أساسية توفر أساساً صحيحاً للعلاقة مع الآخرين. يقول الفيلسوف والفيزيائي الفرنسي " باسكال": " في قلب كلٍ منا فراغ على صورة الله لن يملأه سواه"
هل يمكننا أن نتمتع بعلاقة مع الله الذي خلقنا؟ هل يمكننا أن نتواصل مع الله؟ أنا لا اتكلم عن إله يعطيك قائمة من الأوامر والنواهي أو عن شرطي كبير في السماء بانتظار أن يقبض عليك إن قمت بمخالفة ما، ولكني أتكلم عن علاقة مع الله اساسها المحبة والحق والحرية والسلام الداخلي.
العلاج الفعّال لشرب الكحول الله خلقك للتعرف إليه. وأنت تعرف هذا في قرارة نفسك ولكن جميعنا لدينا أرواح متمردة تقول لله: "أذهب في طريقك. وأنا سوف أذهب في طريقي. لا تزعجني إلاّ اذا احتجت اليك" بعضنا قالوا هذا فعلاً والبعض الآخر يعتقدون أنهم ان تجاهلوا مسألة "وجود الله" فانها سوف تختفي،ومع ذلك فما زال البعض منا يقولون:" نحن نريد علاقة مع الله. ولكننا نريد أن نأتي إليه بطريقتنا الخاصة". لكن الحقيقة هي ليس أحد منا مستحقاً أن يكون على علاقة مع الله ذي الكمال، ولا نستطيع إكتساب هذه العلاقة بمجهوداتنا الشخصية.
كما أن لشرب الكحول وتناول كميات كبيرة من الطعام عواقب كذلك هناك عواقب للتمرد على الله أو تجاهله. ربما أنك لا تلاحظ هذه العواقب ولكنها حتماً ستدركك في النهاية ، يقول الله إن العواقب هي انفصال ابدي عنه. أنت في الجامعة الآن وعلى الأرجح انك مستمتع وتقوم بالتحضير لمستقبلك من الصعب التفكير في الأبدية، ولكن لا أحد يدري، لدي صديق اسمه ستيف عمره 20 عاماً وقد لا يكون على قبد الحياة أثناء قراءتك لهذا المقال، إنه يحتضر لأنه أصيب بالإيدز عندما نقلوا له دماً حاملاً للمرض ولا خيار لديه الآن إلاّ أن يفكر في أبديته.
لقد جعل لنا الله طريقاً نعرفه من خلالها معرفة تبدأ هنا على الأرض و تستمر إلى الأبد. وهذه الطريق هي أنه أرسل يسوع المسيح إلى الأرض ليعيش بيننا وبشكل كامل بلا أية خطية وليس هذا فقط فنحن خطاه ونستحق عقاب الموت لأن أجرة الخطية هي موت، لكن يسوع المسيح بإرادته مات على الصليب بدلاً عنا ودفع ثمن خطايانا. والآن كل ما علينا فعله الآن لكي نعرف الله ونكون على علاقة معه هو وضع ثقتنا بيسوع الذي دفع حياته ثمناً لنكون على علاقة مع الله القدوس وهذه هي الحقيقة. يمكنك أن تقبل يسوع في حياتك وتضع إيمانك به أو أن ترفضه ،القرار بيدك.
عندما صليت أنا لله قلت له أني أريد أن أعرفه وأن أضع ثقتي بالمسيح يسوع وبموته وقيامته من أجلي،و عندها بدأت علاقة مع الله وأصبحت على صلة مع اله هذا الكون. عندما تكون علاقتنا صحيحة فإن حياتتنا كلها تتغير، فانا لا احتاج أن أبحث عن أشياء أخرى لاشباعي مثل المال أو شرب الكحول أو غيرها من الأمور،ولكن عندما نكون بعيدين عن الله نستمر في البحث عما يشبعنا ولكن دون فائدة.
أنا لا أعرف ما الذي تعاني منه أنت، ولا أعرف كيف تظهر أعراض ذلك في حياتك؛ ربما عن طريق الإفراط في شرب الكحول أو الجنس أو تعاطي المخدرات،أو الرياضة أو إجهاد نفسك وإرهاقها للحصول على معدلات عالية لكي تشعر بالرضا عن نفسك، كل هذه بدائل مزيفة للإحتياج الحقيقي وهو التواصل مع الله والناس، فنحن جميعاً نملك في دواخلنا ذلك الفراغ الذي لن يملأه سوى علاقة مع الله.
ربما أنك تريد أن تبدأ الآن بعلاقة مع الله. كل ما عليك فعله هو أن تخبره ذلك فهو يعرف رغبة قلبك وهو يهتم بها أكثر من إهتمامه بكلماتك، ربما ترغب بأن تقول له شيئاً كهذا: "يا الله، أنا أريد أن أعرفك، أريد أن أكون على علاقة بك لقد جربت أشياء كثيرة في حياتي لاشبع ذاتي ولكنها لم تنجح لأن إحتياجي الحقيقي هو لك ، سامحني يا رب لأني لم آت إليك أولاً، أنا أشكرك لأنك تحبني ولأنك تريدني أن أعرفك شكراً لأنك جعلت هذه العلاقة ممكنة من خلال يسوع المسيح، أنا أثق بك آمين." سوف تجد أن علاقتك مع الله علاقة مشبعة ومرضية وعندما تكون على صلة مع الله فإنك تجد الأساس لبناء علاقة فعالة ودائمة وذات معنى. إروِ عطشك الحقيقي. | |
|