حوار مع ابليس
لم تكن الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بدقيقة او اثنتين عندما دخلت الى غرفتى واغلقت بابها خلفى وخلعت ثيابى وارتديت ثياب النوم ودلفت الى سريرى ودسست نفسى فية والتقطت من جانبى روايتى المفضلة ارض النفاق للكاتب الكبير يوسف السباعى …واخذت اقرأ فية حتى يغالبنى النوم ..ولم تمضى نصف ساعة على حالى هذا حتى احسست ان هناك من يجلس على الاريكة المواجهة لى نظرت الى باب الغرفة فوجدتة مغلقا …رفعتى راسى فرايت رجلا يصعب تحديد عمره ملابسة توحى بانه كان من اصل طيب ولكن جار علية الزمن ..كيف دخل لست اعرف …..سالتة فى خوف : من انت ؟
قال فى ادب : انا ابليس.
قلت : لو قرات اية من القران هل تنصرف؟
قال ابليس : لو قراتها بصدق …انصرف على الفور.
قلت :هل تحرقك الاية .
قال ابليس : لكى تحرقنى الاية لابد ان تعمل بها انت اولا .
قلت : لن اقراها ..اريد ان اتحدث معك …كيف دخلت ..اقصد كيف جئت .. اعنى هل انت موجود فعلا فوق الاريكة ام انك مجرد فكرة فى ذهنى فقط .
قال ابليس : لا تعقد الامور ..انت بالفعل عقلك ضيق .. لا فرق بين عقلك وقالب الطوب فى الرصيف المكسور امام منزلك .
قلت : هذه نكتة فى لغتنا …تقول ان عقلى مثل الحجر .هل تمزح معى.
قال ابليس : انا لاامزح ابدا …لم اضحك من يوم ان طردت من رحمة الله .
قلت : فرصة طيبة جدا اننى رايتك …من زمن وانا احلم ان ادردش معك .
قال ابليس : انا اشعر بالضجر مثلك …فقلت ازورك .
قلت : التقيت رغبتنا فى الدردشة …فى حياتك الاف الاشياء الغامضة التى احب ان اعرف تفسير لها .
قال ابليس : ليس فى حياتى شىء من الغموض ..الغموض هذا صفة انسانية .
قلت : هل تعتقد انك واضح بالفعل :
قال ابليس : انا واضح كل الوضوح ..لقد اعلنت رفضى منذ البداية…اعلنتة امام الله…هل يجرؤ احد من البشر ان يعلن رفضة امام اى سلطان من سلاطين الارض …اى شىء تراه غامض في .
قلت : اننا نقدر صراحتك كثيرا .ولكنك بعد ذلك تتخفى فى الاف الصور والاشكال ولا تتقدم بهذا الوضوح
للناس.
قال ابليس : هذه اصول المهنة .تكنولوجيا الوسوسة ..لقد تقدمت العلوم فهل تريد ان اقف مكانى ليسبقنى الخير ..اى شىء تريدنى ان اوضحة لك بعد ذلك.
قلت : اريد توضيح لسؤالى ..هل انت موجود فعلا ان مجرد فكرة فى راسى؟
قال ابليس : ايهما اهم .ان اكون موجودا فى الدنيا ولا تعرف عنى شىء .ام اكون موجودا فى ذهنك وليس لى وجود خارجة.
قلت : انت تسال اسالة غريبة ..هل انت جسد ام فكرة .
قال ابليس :انت مجادل كابناء عدوى القديم …فى الدنيا الاف الاجساد بغير افكار هل تعتقد ان لها اى قيمة ..وهناك افكار ليس لها وجود اليوم ولكنها لها فائدة عظمى ربما تتجسد بعد الف سنة او بعد لحظه واحدة .
قلت : انت تتفلسف على …ولكنى لن اعترض على كلامك هذا ..ولكنى اريد ان اسالك عن شىء اخر ..كثيرا ما فكرت فى طفولتى .هل كانت لك طفولة مثل باقى المخلوقات ..اقصد كباقى الافكار .
قال ابليس : لكل مخلوق طفولتة .
قلت : هل كنت طفلا شقيا ؟
قال ابليس : على العكس ..كنت اهدأ طفل فى مدرسة الجن الابتدائية المشتركة ..كانت اياما جميلة تعلمت فيها الكبرياء منذ نعومه اصابعى …فى ذات يوم رفضت ان اجيب على امتحان فى الحساب ..سلمت ورقتى سوداء بغير اجابة ..وسالنى الممتحن : هل تعلم اجابة الامتحان ؟ ..قلت له : نعم اعلمها …قال لماذا لم تجب اذن ؟ …قلت : انا خير منه .انا خير من الممتحن الذى وضع اسالة الامتحان .فهذى اسالة ساذجة لا تكشف عن شىء .
قلت لابليس : وهل اخذت صفرا فى الامتحان ؟
قال ابليس : لم اكن مهتما بالنتائج كثيرا ..كان اخطر ما يهمنى ان اسجل موقفى من الممتحن .
قلت لابليس : نسيت ان اسالك اهم سؤال ..لماذا لم تسجد لادم ؟
تقلص وجة الشيطان بالم رهيب حين ذكرت اسم ادم امامه ,وشجعنى شحوب وجهة المفاجىء على الاستمرار فى الحديث فقلت له : لقد اوحلتنا فى الدنيا وضيعت علينا الجنة ..وافقدت نفسك مستقبلك فى ذات الوقت ….ساعتبرك صديقا وارفع الكلفة بيننا واقول لك (الله يلعنك فقد تسببت فى اخراجنا من الجنة ).
قال ابليس : لسانك طويل كابناء قومك ..ولا اعتبر نفسى صديقك ..انما اعتبرك من اتباعى حين تتبعنى …ولذلك فانى ارفض رفع الكلفة بينى وبينك واذا لم تقدم لى اعتذارا على الفور فسوف انسحب.
قلت : يا طاووس الجن السابق ..انا اسف ..لم اكن اعرف انك بهذا الكبرياء المخيف ..وتنقصك روح الفكاهه لهذا الحد ..لذا كنت اهزر معك يا ابليس.
قال ابليس : ارجوك ان تضيف كلمة سيد الى اسمى ولا تنطقة مجردا لقد كنت سيدا حقيقيا قبل خلق ابيك .
قلت : هل تعتقد بالفعل انك افضل من سيدنا ادم ؟
قال : ادم سيدك انت وحدك .
قلت : لم تجب سؤالى بعد ؟
قال ابليس : مسالة اينا افضل ,انا ام ادم , مسألة فصل فيها خالقنا وهى مسالة معقدة بالنسبة لى ..قبل خلق ادم كنت مشروعا جليلا ..وبعد خلقة والامر بالسجود له صرت مشروعا يختلف ..صرت مجرد فكرة تتبع ادم .
قلت : اضعت مستقبلنا وبسببك خرجنا من الجنة .
قال ابليس : بسببكم طردت من رحمة الله .
قلت : لماذا لم تسجد فتريحنا وتريح نفسك .
قال ابليس : كنت اجرب حريتى .
قلت : كان الله سبحانة وتعالى يستطيع ان يحولك الى تراب قبل ان تمتنع عن السجود لادم .
قال ابليس : لو ان الله قتلنى قبل ان ارفض السجود لادم لعرفت ان الله يحبنى ..غير اننى اعرف ان الله لا يحبنى ..الله يعطى الحرية لكل مخلوقاتة من يحبهم ومن يكرهم ..ان الله ليس سلطانا من سلاطين الارض الظالمين الذين يحبسون من يرفض اوامرهم ..ان الله اكبر واعظم .
قلت : هذا كلام مؤمنين يا سيد ابليس ..هل بلغ نفاقك هذا الحد … ان تكون شيطان وتتكلم كلام مؤمنين ؟
قال ابليس : لست منافقا ..انا لو كنت منافقا لسجدت لادم ..وانا مؤمن بالله ولكنى لست مؤمنا بادم ..من كان فى مثل مكانى لابد ان يؤمن بالله لانه راى عظمتة غير انه يعتبر كافرا حين يعصى اى امر لله …اعلم ان معنى الايمان يختلف من جنس الى جنس.. بالنسبة للجن هو مفهوم معين ..وبالنسبة لابناء ادم هو مفهوم اخر ..عندنا نحن الجن نؤمن بوجود الخالق لاننا نعاين قدرتة ولا نستطيع المماراة او انكارها …الكافر عندكم هو الذى ينكر وجود الله او يعبد غير الله ..اما الكافر عندنا هو من يعصى لله امرا ..وعندكم العصيان له توبة تجعلة كان لم يكن …وعندنا العصيان يعنى فصل نهائى من رحمة الله ولا توبة فية .
قلت فى مرارة : اخرجتنا من الجنة ؟
قال ابليس : انا افهم فكرك البيروقراطى هذا…هل كنت تريد ان ترث الجنة ..هل تتصور ان الجنة تكية للمتسكعين امثالك …كم اود ان اضحك غير اننى عاجز .
قلت : لماذا لا تضحك .
قال ابليس : لا اعرف كيف اضحك ..فمى لا يطاوعنى على الضحك ..حتى البكاء لا استطيع ان ابكى فملامحى تتجمد عندما اريد البكاء .
قلت : سوف اسالك سؤال محرج قليلا ولكنك سوف تعذرنى …لماذا تختار دائما تلك المهنة السخيفة ..اقصد موضوع النساء والرجال وخصوصا الشباب منهم وما يحدث بينهم من قذارة بسببك ومعصية لله عز وجل ..انت تفهم قصدى ؟
قال ابليس : تاكدت الان انك لست ذكيا ..انا شيطان من الدرجة الثانية ..وهذا الذى تتحدث عنه من عمل شياطين الكتبة فى الدرجة الحادية عشر .. الشياطين الظهراوات ,هم المكلفين بموضوع المرأة .